mardi 3 avril 2007

فخامة رئيس الجمهورية السيد سيدى محمد ولدالشيخ عبدالله: إقتصادي..تكنوقراطي في الحكم


رغم شهرته الواسعة في الأوساط السياسية والاقتصادية، لم يكتشف الكثير من الموريتانيين شخصية سيدي ولد الشيخ عبد الله، الرئيس الموريتاني المنتخب، إلا من خلال المناظرة التلفزيونية التي جمعته بمنافسه احمد ولد داداه عشية بدء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 25 مارس (اذار) الجاري.

فالرجل استطاع بحنكته الكبيرة تفنيد كل الإشاعات والاتهامات التي طالته منذ إعلانه الترشح للرئاسة، محملا خصومه السياسيين مسؤولية الترويج لهذه الحملات الدعائية التي لا تمت للواقع بصلة، على حد تعبيره. وعرف عن ولد الشيخ عبد الله انه كان من أكثر وزراء موريتانيا تجربة في السلطة حيث تقلد عدة مسؤوليات وزارية في عهد المختار ولد داداه، اول رئيس للبلاد، وذلك على امتداد سبع سنوات، فيما شغل منصب وزير الصيد سنتين من حكم الرئيس السابق معاوية ولد الطايع. وكان من القليلين الذين خاضوا هذه التجربة المتعددة. يتحدر ولد الشيخ عبد الله من أسرة دينية وعلمية معروفة في موريتانيا، وفيها تلقى تعليما دينيا ما زال واضحا على معالم شخصيته حتى اليوم. ويقول عنه الكثير من زملائه الذين عرفوه مسؤولا الى جانب الرئيس الأسبق المختار ولد داداه، إن هناك وجه تشابه بين الرجلين وهو تحاشي العبارات الجارحة، وهو سر المكانة التي كان يمنحها له ولد داداه. ولد الشيخ عبد الله ايضا أنه كان من أوائل الكوادر التكنوقراطية في موريتانيا، واشتهر بذكائه في الدراسة، كما يقول زملاؤه، حيث بدأ مشواره الدراسي في مسقط رأسه، مدينة الاك، الواقعة على بعد 250 كيلومترا شرق العاصمة نواكشوط، بعد ذلك انتقل إلى كل من السنغال وفرنسا لمتابعة دراسته، وحصل على شهادات عالية في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية، أهلته فور تخرجه لتبوؤ مناصب مهمة في البلد؛ من بينها إدارة التخطيط قبل أن يتسلم إحدى الحقائب الوزارية في عهد الرئيس الأسبق ولد داداه سنة 1971، وظل فيها حتى انقلاب العاشر من يوليو (تموز) 1978، الذي أطاح ولد داداه. لعل ابتعاد ولد الشيخ عبد الله عن الموجات الآيديولوجية التي اجتاحت موريتانيا في عقد الستينات من القرن الماضي، جعل البعض يصفه بـ«التكنوقراطي البارع»، بيد أن الرجل عرف أيضا بثقافته السياسية القوية وأفكاره الجريئة. وكان من بين موقعين عريضة المطالبة بإطلاق سراح الزعيم اليساري المعروف أحمد بابا مسكة عام 1967، كما أن حركة الشباب المعارضة كانت تصفه آنذاك بأنه «حليف قريب من داخل تركيبة السلطة».
ارتبطت تجربة ولد الشيخ عبد الله أيام عهد الرئيس ولد داداه بعدد من القرارات الكبرى؛ من بينها سياسة التخطيط الاقتصادي التي لم تكن مألوفة، ومحاولات التصنيع، وتأميم شركة الحديد «ميفرما»، كما لعب دورا أساسيا في العلاقات الاقتصادية الموريتانية ـ العربية وعرف أيضا بعلاقاته الوثيقة بالأوساط المالية وصناديق التمويل العربية، خصوصا في دول الخليج مثل السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، حيث يتمتع بعلاقات على أعلى مستوى، ولذا السبب كان التحاقه بالصندوق الكويتي للتنمية باعتباره خبيرا مستشارا، عقب خروجه من السجن عام 1980 الى جانب كل التشكيلة الوزارية التي كانت تعمل مع الرئيس ولد داداه. في الكويت، عاش ولد الشيخ عبد الله حوالي تسع سنوات حياة هادئة. ويقول الذين عرفوه أيامها، إنه كان يواظب على عمله في الصندوق الكويتي، ويكلف مهام حيوية نظرا لتمتعه بسمعة طيبة.
والى جانب مهامه العملية، كان ولد الشيخ عبد الله يخصص بقية وقته للقراءة، وبصفة خاصة كتب التراث العربي الإسلامي، والدراسات الاقتصادية والسياسية باللغات الثلاث التي يتقنها، وهي العربية (لغته الأم) والفرنسية والإنجليزية، كما كان بيته في الكويت مفتوحا لكل أفراد وعائلات الجالية الموريتانية المقيمة او العابرة للامارة الخليجية. قطع ولد الشيخ عبد الله إقامته في الكويت مرة واحدة عندما طلب منه الرئيس السابق ولد الطايع سنة 1986 أن يلتحق بحكومته للإشراف علي تسيير ملف الصيد المعقد، فقد التقى الرجلان على هامش رحلة رسمية لولد الطايع الى الكويت. وبعد تردد قبل ولد الشيخ عبد الله العرض في مرحلة كان الرئيس السابق قد رفع شعار «الإصلاح والتحديث من أجل النهوض بمستوى الاقتصاد الوطني وتحسين تسيير ثروات البلد»، وكان يسعى لتحقيق ذلك عن طريق عناصر موريتانية عرفت بكفاءتها العالية ونزاهتها خلال التجربة المهنية التي مرت بها في عهد ولد داداه. وارتبط اسم ولد الشيخ عبد الله بمحاولة تحديث قطاع الصيد، ورفع مردوده في الاقتصاد لكنه اصطدم بجملة من العوائق التي منعته من القيام بدوره، فحبكت ضده مؤامرة بتوريطه في قضية أظهرت التحقيقات أنها ملفقة، وبالتالي لم تنل من السمعة الطيبة للرجل في مجال التسيير. وتقول معلومات مؤكدة إن الرئيس ولد الطايع اعتذر له شخصيا، وحاول إرجاعه للحكومة لكنه رفض بلطف وعاد إلى عمله في الكويت التي لم يقم فيها طويلا بعد ذلك، لأن الصندوق الكويتي للتنمية ابتعثه خبيرا مستشارا لدى حكومة النيجر، الدولة الأفريقية الصغيرة التي عاش فيها الرجل 13 سنة كاملة حيث استطاع خلالها ان يضبط علاقات وثيقة بالحاكم، وأن يكون سفيرا عربيا من نوع خاص في هذا البلد الرابط بين منطقتي أفريقيا الغربية وأفريقيا الوسطى، وهو بلد له حضور ثقافي عربي إسلامي وثيق. عرف ولد الشيخ عبد الله لدى الأوساط النيجيرية بكفاءته العالية. وكان مستشارا مؤتمنا إلى حد أن الرئيس النيجيري الحالي، الذي يقال إنه من أصول موريتانية، كان يمتدحه دائما امام الرئيس السابق ولد الطايع قائلا: «الحمد لله أنكم فرطتم في خبرة هذا الرجل فاستطعنا الاستفادة منه».
ولم ينقطع ولد الشيخ عبد الله عن الاهتمام بالوضع السياسي في بلده، على الرغم من الغربة التي استمرت طويلا. ويقال إن ولد الطايع فكر في تعيينه وزيرا أول عام 1992 بعد الانتخابات الرئاسية في أفق الانفتاح على المعارضة لأن الرجل يتمتع بمصداقية واسعة لدى أحزاب المعارضة، بيد أن انسداد الأفق السياسي أيامها لم يشجعه على الاقتراب من النظام في تلك الحقبة، ذلك ان موريتانيا كانت قد خرجت للتو من انتخابات رئاسية شهدت ممارسات تزوير علي نطاق واسع، ورفضت أحزاب المعارضة إبانها الاعتراف بالنتائج مما زاد من حدة التوتر الذي طبع الساحة السياسية في البلد.
عاد ولد الشيخ عبد الله إلى بلده سنة 2003 في مرحلة بدا فيها نظام ولد الطايع يعيش أيامه الأخيرة من أجل البقاء، بعد هزة المحاولة الانقلابية التي قادها الرائد السابق صالح ولد حننا في نفس السنة، وأظهرت هشاشة النظام، ومع أن ولد الشيخ عبد الله لم يشارك في الحياة السياسية المضطربة أيامها إلا أنه كان حاضرا في حفل إعلان صديقه أحمد ولد داداه ترشحه للرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، واعتبر وقتها مساندا له. وبما أنه لم يسجل له ظهور بعد ذلك مع ولد داداه فقد اعتبر حضوره في تلك المناسبة مجرد لفتة صداقة ومودة أكثر مما هي موقف سياسي. ذلك انه كان يدرك حسب أصدقائه أن البلاد تعيش أزمة مستعصية، وأن الانتخابات لم تكن إلا لتزيدها حدة، ومع ذلك عزم الرجل مع بعض أصدقائه ضمنهم الوزير السابق أعل ولد علاف، إنشاء مرصد لمراقبة الانتخابات، لكن ولد الطايع اعترض على الفكرة وبدا منزعجا منها، مما دفع القائمين عليها الى التخلي عنها بسبب الضغوط الكبيرة التي واجهوها في سبيل ذلك.
بعد سنة من هذا الحدث العاصف، ظهر اسم سيدي ولد الشيخ عبد الله للمرة الثانية في المسرح السياسي خلال المبادرة التي بلورها صديقه وزميله في الوزارة أيام حكم ولد داداه، أحمد ولد سيدي بابا، رئيس حزب التجمع من أجل الديمقراطية والوحدة، وهي مبادرة تروم إخراج البلاد من الاحتقان السياسي، الذي بلغ ذروته في تلك الفترة، وذلك بالعمل على ترتيب حوار هادئ بين الحكومة والمعارضة.
ولعب ولد الشيخ عبد الله دورا أساسيا في فعاليات الحوار الوطني التي أجهضها تردد ولد الطايع الذي كان يشعر بأزمة سياسية وأمنية حادة، تفاقمت فيما بعد إلى أن أفقدته كرسي الحكم في انقلاب الثالث من أغسطس (اب) 2005، الذي قاده مدير أمنه السابق، ورئيس المجلس العسكري الحاكم الحالي، اعل ولد محمد فال مع رئيس الحرس الخاص للرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز، وبعض عناصر المجلس العسكري الآخرين.
بعد تغيير أغسطس الذي أطاح ولد الطايع، ظهر اسم سيدي ولد الشيخ عبد الله مرات عديدة كان أولها ترؤسه لبعض جلسات الأيام التشاورية الوطنية التي نظمها المجلس العسكري الحاكم بحضور كافة ممثلي الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني. وأجمعت الأطراف المشاركة فيها على جملة من القضايا تتعلق بتسيير المرحلة الانتقالية وطرق تنظيم الانتخابات التشريعية والبلدية التي ستتخلل المرحلة. كما تناولت موضوع التعديلات التي أدخلتها السلطات الجديدة على بعض مواد دستور البلاد؛ ومن بينها تقليص فترة الرئاسة من سبع سنوات إلى خمس، وتحديد ولايتين كأقصى حد للبقاء في السلطة.
تميز أداء ولد الشيخ عبد الله بكثير من الحكمة كان لها بدون شك أثر كبير في نجاح هذه الأيام التي أقيمت مطلع المرحلة الانتقالية. وطرح اسمه مرة اخرى عندما تم اقتراحه رئيسا للجنة الوطنية المستقلة التي عهد إليها الإشراف على الاستحقاقات الانتخابية التي ستمر بها البلاد طوال الفترة لكنه اعتذر عن عدم القيام بهذه المهمة التي أوكلت فيما بعد للعقيد والدبلوماسي اللامع الشيخ سيدي الحمد ولد بابا مين. واعتبر عدد من المحللين أن رفضه تولي مهمة الإشراف على الانتخابات دليل على أنه كان يعد نفسه لمهمة أصعب لم يكشف عنها حتى لأقرب المقربين إليه.
ولم تمض خمسة أشهر على حركة التغيير التي تزعمها ولد محمد فال حتى أصبح كل المجتمع السياسي يتحدث عن ولد الشيخ عبد الله، 69 سنة، كمرشح محتمل للانتخابات الرئاسية. ويبدو ان كثيرا من الشخصيات النافذة والزعامات القبلية بادرت الى الاتصال به لهذا الغرض، وإن كان الرجل لم يتخذ قراره النهائي إلا في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلن في اجتماع حاشد بقصر المؤتمرات بنواكشوط ترشحه للرئاسة بحضور جمع كبير من السياسيين ورجال الأعمال وأفراد المجتمع المدني. تبنى ولد الشيخ عبد الله شعار الإجماع الوطني، وقدم مشروعه السياسي في شكل البحث عن صيغة عملية لتوثيق الوحدة الوطنية للخروج بالبلاد من الأزمات وتسوية الملفات العالقة، وهو ما مكنه من الحصول على دعم معظم التشكيلات السياسية؛ ومن بينها كتلة الميثاق التي تضم 17 حزبا سياسيا، كما حظي بدعم شخصيات مستقلة مرموقة، الامر الذي عزز حظوظه في الفوز بالانتخابات التي كان منافسه الرئيسي فيها صديقه أحمد ولد داداه، الذي يتبادل معه مشاعر الاحترام العميق. شكل ترشح «التكنوقراطي البارع» الذي استطاع استقطاب معظم ناخبي البلد ضربة موجعة لولد داداه الذي بقي سنة كاملة لوحده في الساحة السياسية بعد الإطاحة بولد الطايع، وكان يرغب في إقامة تحالفات واسعة في ظل غياب منافس قوي بهذا الحجم، كما أثار جدلا كبيرا في الساحة السياسية. واتهمت أحزاب المعارضة السابقة المجلس العسكري ابانها بالوقوف وراءه. وعززت هذه المزاعم ظهور جماعات مستقلة أعلنت دعمها للمرشح الجديد، الذي ينظر إليه على أنه وحده القادر على خلق ائتلاف وطني يجمع بين المعارضة الراديكالية وما كان يعرف بـ«الأغلبية الرئاسية» الموالية للنظام السابق، التي أخذت شكل كتلة موحدة اطلق عليها اسم «الميثاق» والتفت وراء مشروعه السياسي.
بيد أن ائتلاف قوى التغيير المؤلف من 12 تشكيلة سياسية معارضة حاول هو الآخر أن يقف متماسكا لقطع الطريق أمام عودة من يعتبرونهم «رموز الحقبة الماضية» إلى سدة الحكم بعد التفافهم وراء المرشح المستقل ولد الشيخ عبد الله. وكان من بين المقترحات المطروحة على طاولة البحث العمل على فرز مرشح موحد لمواجهته، لكن إخفاق قادة أحزاب الائتلاف في الاتفاق على هذا المرشح حال دون تحقيق الهدف المنشود مما عصف بكيان الائتلاف الذي عجز عن التوحد حتى في الجولة الثانية من الانتخابات التي شهدت هي الأخرى انقساما كبيرا في صفوف هذه الكتلة، ساهم بشكل كبير في فتح الطريق أمام ولد الشيخ عبد الله لحسم المعركة الانتخابية لصالحه. بيد أن ملفات عديدة شائكة ومعقدة تنتظر الرئيس الجديد الذي تعهد في برنامجه السياسي بحلها؛ ومن أبرزها قضية الزنوج الموريتانيين المبعدين من السنغال منذ اكثر من 17 سنة. وكان الرئيس المنتخب قد تعهد بحل هذه القضية في ظرف ستة أشهر من تسلمه مقاليد السلطة بالبلد، كما ان هناك ملفات عالقة ملحة أخرى تتطلب تدخلا عاجلا؛ في مقدمتها انتهاكات حقوق الإنسان والتصفية الجسدية التي نفذها الرئيس السابق ضد مجموعات زنجية كبيرة اتهمها بمحاولة قلب نظام الحكم أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي. وحسب مقربين من ولد الشيخ عبد الل،ه فإن حل هذا الملف سيكون بتعويضات مالية لأسر الضحايا. كما تعهد الرئيس أيضا بالقضاء علي مخلفات الرق وترسيخ ثقافة الديمقراطية في البلد، واعتماد مبدأ نظام فصل السلطات، وترسيخ العدالة في إطار بناء دولة المؤسسات. وفي مجال الاقتصاد، أكد عزمه على محاربة الفقر، وتقليص الفوارق الاجتماعية وتأسيس بنى تحتية حقيقية للبلد ومحاربة الفساد.
لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه الرئيس الجديد هو التعامل مع ملفات الفساد خلال الحقبة الماضية في ظل وجود معظم المجموعات المتهمة بالتورط في قضايا اختلاس المال العام إلى جانبه في الحملة الانتخابية التي خاضها المرشح ضد منافسه، وهو ما يثير تساؤلات لدى البعض حول الآليات التي سيستخدمها الرئيس في تعامله مع هذه القضايا، وكيف سيدير المرحلة المقبلة من تاريخ البلد في ظل كل هذه التحديات؟ من الواضح أن ولد الشيخ عبد الله يراهن في إدارة ولايته الحالية على بعض العوامل الكفيلة بتسيير البلد في هذه الفترة؛ وفي مقدمتها التشاور مع مختلف الطبقات السياسية حيث أعرب في أكثر من مناسبة عن عزمه تشكيل إجماع وطني حول القضايا الأساسية، وإشراك كافة القوى السياسية في صياغة هذه المرحلة من تاريخ البلد. كما أبدى نيته البقاء في السلطة لولاية واحدة؛ الأمر الذي من شأنه ان يخفف من حدة التوتر والاحتقان السياسي الذي طبع المرحلة الماضية. ويبقى تشكيل حكومة ائتلاف وطني من بين العوامل التي ستساعد الرئيس الجديد على تنفيذ خطته الإصلاحية، لاسيما انه أبدى رغبته في تشكيل هذه الحكومة وجدد تأكيده على ذلك في مؤتمر صحافي عقده عقب إعلان النتائج النهائية للانتخابات. ويحرص ولد الشيخ عبد الله في كل مناسبة على التذكير بأن الوحدة الوطنية هي شعار مشروعه السياسي الذي سيقوم على مبدأ التشاور والإنصاف واحترام الآخر. وفي سياق ذلك، تجدر الاشارة إلى انه بجانب القوى السياسية المحسوبة على الغالبية الرئاسية السابقة، يحظى ولد الشيخ عبد الله أيضا بدعم أحزاب أخرى عرفت بمقارعتها للنظام السابق في مقدمتها رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي، مسعود ولد بلخير، أبرز مناهضي الرق في موريتانيا، والداعي للتسوية بين البيض والسود، الذي أعلن مساندته لهذا الأخير عقب انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات، وهو الأمر الذي سيمكن الرئيس الجديد من خلق توازن داخل التشكيلة الجديدة لحكومته يقوم على أساس الاعتبارات المهنية والكفاءة بدل اعتبارات أخرى من قبيل الولاءات القبلية والانتماءات الجهوية التي كانت سائدة في عهد الرئيس السابق ولد الطايع، وهي التي يتم على أساسها تشكيل أعضاء الحكومات والبعثات الدبلوماسية في الخارج ورؤساء المصالح والمؤسسات الحكومية الأخرى.
وفي سياق كل ذلك، عرف عن ولد الشيخ عبد الله الهدوء والاتزان وعلاقاته الوثيقة بكبار الأدباء والمفكرين. كما اشتهر بالالتزام والتدين حيث يحرص على اداء الصلاة في وقتها بالمسجد القريب من منزله، ويفضل الذهاب إليه لوحده خصوصا في وقتي الفجر والعشاء. ورغم أنه يحبذ في الغالب الابتعاد عن الأضواء والحديث لأجهزة الإعلام إلا أن محاوريه يكتشفون بسرعة المستوى الثقافي والسياسي الكبير الذي يميز هذه الشخصية. وفي اللقاءات الصحافية، اعتاد ولد الشيخ عبد الله على تحويل الاتهامات التي توجه له إلى نكت وطرائف تخفف من حدة الزخم السياسي الذي يطبع المؤتمرات الصحافية في الحملات الانتخابية، قبل ان يعود للإجابة عن السؤال بموضوعية بدون أن ينتقد شخصا معينا، وربما لهذا استطاع تجميع الكثير حوله.

Aucun commentaire: